Edit
Catatan ke III : Shalat Diatas Kendaraan & Berjalan Kaki
by لجنة بحث المسائل on Saturday, December 25, 2010 at 4:12pm
قال المصنف رحمه الله تعالى : وأما النافلة فينظر فيها فإن كان في السفر وهو على دابته نظرت فإن كان يمكنه أن يدور على ظهرها كالعمارية والمحمل الواسع لزمه أن يتوجه إلى القبلة لأنها كالسفينة ، وإن لم يمكنه ذلك جاز أن يترك القبلة ويصلي عليه
(3/206)
حيث توجه لما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته في السفر حيثما توجهت به ويجوز ذلك في السفر الطويل والقصير لأنه أجيز حتى لا ينقطع عن السير وهذا موجود في القصير والطويل . (1)
____________________
1- الشرح : حديث ابن عمر رواه البخاري ومسلم ، وفي الصحيحين أيضا عن جماعات من الصحابة مثله ونحوه ، والمحمل بفتح الميم الأولى وكسر الثانية ، وقيل : بكسر الأولى وفتح الثانية لغتان ، وقد أوضحته في التهذيب ، والعمارية ضبطها جماعة من الفقهاء الذين تكلموا في ألفاظ المهذب بتشديد الميم والياء ، وضبطها غيرهم بتخفيف الميم وهو الأجود ، وقد أوضحتها في التهذيب وهو مركب صغير على هيئة مهد الصبي أو قريب من صورته . أما حكم المسألة : فإذا أراد الراكب في السفر نافلة نظر إن أمكنه أن يدور على ظهر الدابة ويستقبل القبلة ، فإن كان في محمل أو عمارية أو هودج ونحوهما ففيه طريقان ( المذهب ) أنه يلزمه استقبال القبلة وإتمام الركوع والسجود ، ولا يجزيه الإيماء لأنه متمكن منها ، فأشبه راكب السفينة ، وبهذا الطريق قطع المصنف والجمهور والثاني : على وجهين أحداهما هذا ، والثاني : يجوز له ترك القبلة والإيماء بالأركان كالراكب على سرج لأن عليه مشقة في ذلك بخلاف السفينة . وممن ذكر هذين الوجهين صاحب الحاوي والدارمي ، ونقل الرافعي الجواز عن نص الشافعي وهو غريب ، والصحيح الأول . قال القاضي أبو الطيب : سواء كانت الدابة مقطورة أو مفردة يلزمه الاستقبال أما الراكب في سفينة فيلزمه الاستقبال وإتمام الأركان سواء كانت واقفة أو سائرة لأنه لا مشقة فيه ، وهذا متفق عليه . هذا في حق ركابها الأجانب أما ملاحها الذي يسيرها فقال صاحب الحاوي وأبو المكارم : يجوز له ترك القبلة في نوافله في حال تسييره . قال صاحب الحاوي : لأنه إذا جاز للماشي ترك القبلة لئلا ينقطع عن سيره ، فلأن يجوز للملاح الذي ينقطع هو وغيره أولى ، وأما راكب الدابة من بعير وفرس وحمار وغيرها إذا لم يمكنه أن يدور على ظهرها بأن ركب على سرج وقتب ونحوهما فله أن يتنفل إلى أي جهة توجه لما سبق من الأدلة ، وهذا مجمع عليه ، ولأنه لو لم يجز التنفل في السفر إلى غير القبلة لا نقطع بعض الناس عن أسفارهم لرغبتهم في المحافظة على العبادة ، وانقطع بعضهم عن التنفل لرغبتهم في السفر وحكى القاضي حسين عن القفال أنه سأل الشيخ أبا زيد فعلل بالعلة الأولى ، وسأل الشيخ أبا عبد الله الخضري فعلل بالثانية ، والتعليل الذ
(3/207)
ذكرته أحسن . وهذا معنى قول الغزالي في البسيط : لكيلا ينقطع المتعبد عن السفر والمسافر عن التنفل ، وهذا التنفل على الراحلة من غير استقبال جائز في السفر الطويل والقصير وهذا هو المشهور من نص الشافعي ، نص عليه في الأم والمختصر . وقال في البويطي : وقد قيل لا يتنفل أحد على ظهر دابته إلا في سفر تقصر فيه الصلاة فجعل الخراسانيون ذلك قولا آخر للشافعي ، فجعلوا في المسألة قولين : أحدهما : يختص بالسفر الطويل وهو مذهب مالك ، وأصحهما لا يختص وقطع العراقيون وجماعة من الخراسانيين بأنه يجوز في القصير . قالوا وقوله في البويطي حكاية لمذهب مالك لا قول له ، وعبارته ظاهرة في الحكاية ، فحصل في المسألة طريقان ، المذهب أنه يجوز في القصير لإطلاق الأحاديث ، وفرقوا بينه وبين القصر والفطر والمسح على الخف ثلاثا بأن تلك الرخص تتعلق بالفرض فاحتطنا له باشتراط طويل السفر ، والتنفل مبني على التخفيف ، ولهذا جاز قاعدا في الحضر مع القدرة على القيام ، والله أعلم .
قال المصنف رحمه الله تعالى : ثم ينظر فإن كان واقفا نظرت فإن كان في قطار لا يمكنه أن يدير الدابة إلى القبلة صلى حيث توجه ، وإن كان منفردا لزمه أن يدير رأسه إلى القبلة لأنه لا مشقة عليه في ذلك وإن كان سائرا فإن كان في قطار أو منفردا والدابة حرون يصعب عليه إدارتها صلى حيث توجه ، وإن كان سهلا ففيه وجهان . أحدهما : يلزمه أن يدير رأسها إلى القبلة في حال الإحرام لما روى أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سافر فأراد أن يتطوع استقبل بناقته القبلة فكبر ثم صلى حيث وجهه ركابه ( والمذهب ) أنه لا يلزمه لأنه يشق إدارة البهيمة في حال السير . (1)
____________________
1- الشرح : حديث أنس رواه أبو داود بهذا اللفظ بإسناد حسن ، وحاصل ما ذكره الأصحاب أن المتنفل الراكب في السفر إذا لم يمكنه الركوع والسجود والاستقبال في جميع صلاته بأن كان على سرج وقتب ونحوهما ففي وجوب استقباله القبلة عند الإحرام أربعة أوجه ، أصحها إن سهل وجب وإلا فلا ، فالسهل أن تكون الدابة واقفة وأمكن انحرافه عليها أو تحريفها ، أو كانت سائرة وبيده زمامها فهي سهلة . وغير السهلة أن تكون مقطرة أو صعبة ، والثاني : لا يجب الاستقبال مطلقا ، وصححه المصنف وشيخه القاضي أبو الطيب . والثالث : يجب مطلقا ، فإن تعذر لم تصح صلاته ، الرابع : إن كانت الدابة عند الإحرام متوجهة إلى القبلة أو طريقه أحرم كما هو ، وإن كانت إلى غيرهما لم يصح الإحرام إلا إلى القبلة . قا
(3/208)
القاضي حسين : نص الشافعي رحمه الله في موضع على وجوب الاستقبال وفي موضع أنه لا يجب ، فقيل قولان ، وقيل حالان ، ويفرق بين السهل وغيره ، والاعتبار في الاستقبال بالراكب دون الدابة ، فلو استقبل هو عند الاحرام والدابة منحرفة أو مستديرة أجزأه بلا خلاف وعكسه لا يصح إذا شرطنا الاستقبال ، وإذا لم نشرط الاستقبال عند الإحرام فعند السلام أولى ، وإن شرطناه عند الإحرام ففي اشتراطه عند السلام وجهان مشهوران ، أصحهما لا يشترط ، ولا يشترط في غير الإحرام والسلام بالاتفاق ، لكن يشترط لزوم جهة المقصد في جميعها ، كما سنذكره إن شاء الله تعالى قريبا وأما ما وقع في التنبيه وتعليق القاضي أبي الطيب من اشتراط الاستقبال عند الركوع والسجود فباطل لا يعرف ولا أصل له والله أعلم . قال أصحابنا : وليس عليه وضع الجبهة في ركوعه وسجوده على السرج والاكاف ولا عرف الدابة ولا المتاع الذي بين يديه ، ولو فعل جاز ، وإنما عليه في الركوع والسجود أن ينحني إلى جهة مقصده ، ويكون السجود أخفض من الركوع . قال إمام الحرمين : والفصل بينهما عند التمكن محتوم ، والظاهر أنه لا يجب مع ذلك أن يبلغ غاية وسعه في الانحناء ، وأما باقي الأركان فكيفيتها ظاهرة .
قال المصنف رحمه الله تعالى : فإن صلى على الراحلة متوجها إلى مقصده فعدلت إلى جهة نظرت فإن كانت جهة القبلة جاز ، لأن الأصل في فرضه جهة القبلة ، فإذا عدلت إليه فقد أتى بالأصل ، وإن لم تكن جهة القبلة فإن كان ذلك باختياره مع العلم بطلت صلاته لأنه ترك القبلة لغير عذر ، وإن نسى أنه في الصلاة أو ظن أن ذلك طريق بلده أو غلبته الدابة لم تبطل صلاته ، فإذا علم رجع إلى جهة المقصد ، قال الشافعي رحمه الله ويسجد للسهو . (1)
____________________
1- الشرح : ينبغي للمتنفل ماشيا أو راكبا أن يلزم جهة مقصده ، ولا يشترط سلوك نفس الطريق ، بل الشرط جهة المقصد ، فلو انحرف المتنفل ماشيا أو حرف الراكب دابته أو انحرفت نظرت فإن كان الانحراف والتحريف في طريق مقصده وجهاته ومعاطفه لم يؤثر ذلك في صحة صلاته بلا خلاف وإن طال ، لأن ذلك كله من جملة مقصده وموصل إليه ولا بد له منه ، وسواء طال هذا التحريف وكثر أم لا لما ذكرناه . وإن كان التحريف والانحراف إلى جهة القبلة لم يؤثر أيضا بلا خلاف لأنها الأصل ، وإن كان إلى غير جهة المقصد وهو عامد مختار عالم بطلت صلاته بلا خلاف ، وإن كان ناسيا أو جاهلا ظن أنها جهة مقصده ، فإن عاد على قرب لم تبطل صلاته ، وإن طال ففي بطلانها وجهان ، الأصح تبطل ككلام الناسي لا تبطل بقليله وتبطل بكثيره على الأصح ، وبهذا قطع الصيدلاني والبغو
(3/209)
وغيرهما . والثاني : لا تبطل ، وبه قطع الشيخ أبو حامد وآخرون . وإن غلبته الدابة فانحرف بجماحها وطال الزمان ففي بطلان صلاته وجهان . والصحيح : تبطل كما لو كان يصلي على الأرض فأماله إنسان قهرا لأنه نادر والثاني : لا تبطل . وبه قطع الشيخ أبو حامد ، وإن قصر الزمان فطريقان أحدهما : أنه كالطويل ، حكاه الغزالي في الوجيز وأشار إليه في الوسيط قال الرافعي وغيره : لم نر هذا الخلاف لغيره والثاني : وهو المذهب وبه قطع المصنف والجمهور : لا تبطل قطعا لعموم الحاجة ، ثم إذا لم تبطل في صورة النسيان فإن طال الزمان سجد للسهو . وإن قصر فوجهان الصحيح المنصوص لا يسجد وفي صورة الجماح أوجه أصحها يسجد والثاني : لا . والثالث : إن طال سجد ، وإلا فلا . وهذا كله تفريع على المذهب الصحيح أن النفل يدخله سجود السهو . وفيه قول غريب سنوضحه في موضعه إن شاء الله تعالى أنه لا يدخله . فرع : إذا انحرف المصلي على الأرض فرضا أو نفلا عن القبلة نظر إن استدبرها أو تحول إلى جهة أخرى عمدا بطلت صلاته ، وإن فعله ناسيا وعاد إلى الاستقبال على قرب لم تبطل ، وإن عاد بعد طول الفصل بطلت على أصح الوجهين وهما كالوجهين في كلام الناسي إذا كثر ، ولو أماله غيره عن القبلة قهرا فعاد إلى الاستقبال بعد طول الفصل بطلت بلا خلاف ، وإن عاد على قرب فوجهان ، أصحهما تبطل أيضا ، لأنه نادر ، كما لو أكره على الكلام فإنها تبطل على الصحيح من الوجهين ، لأنه نادر .
قال المصنف رحمه الله تعالى : وإن كان المسافر ماشيا جاز أن يصلي النافلة حيث توجه ( كالراكب ) لأن الراكب أجيز له ترك القبلة حتى لا يقطع الصلاة في السفر ، وهذا المعنى موجود في الماشي غير أنه يلزم الماشي أن يحرم ويركع ويسجد على الأرض مستقبل القبلة ، لأنه يمكنه أن يأتي بذلك من غير أن ينقطع عن السير . (1)
____________________
1- الشرح : يجوز للماشي في السفر التنفل بلا خلاف لما ذكره المصنف ، وفي لبثه في الأركان ثلاثة أقوال حكاها الخراسانيون أصحها وبه قطع المصنف وسائر العراقيين : يشترط أن يركع ويسجد على الأرض ، وله التشهد ماشيا ، كما أن له القيام ماشيا . والثاني : يشترط التشهد أيضا قاعدا ولا يمشي إلا في حالة القيام . والثالث : لا يشترط اللبث في الأرض في شيء من صلاته ويومىء بالركوع والسجود وهو ذاهب في جهة مقصده كالراكب . وأما استقباله فإن قلنا بالقول الثاني وجب عند الإحرام وفي جميع الصلاة غير القيام . وإن قلنا بالأول استقبل في الإحرام والركوع والسجود ولا يجب عند السلام على أصح الوجهين وإن قلنا بالثالث : لم يشترط الاستقبال في غير حالتي الإحرام والسلام وحكمه فيهما حك
(3/210)
راكب بيده زمام دابته ، وحينئذ يكون الأصح وجوبه عند الاحرام دون السلام ، وحيث لم نوجب استقبال القبلة يشترط ملازمة جهة المقصد كما سبق في الراكب والله أعلم . فرع : مذهبنا جواز صلاة المسافر النافلة ماشيا . وبه قال أحمد وداود ، ومنعها أبو حنيفة ومالك .
قال المصنف رحمه الله تعالى : وإن دخل الراكب أو الماشي إلى البلد الذي يقصده وهو في الصلاة أتم صلاته إلى القبلة ، وإن دخل بلدا في طريقه جاز أن يصلي حيث توجه ما لم يقطع السير ، لأنه باق على السير . (1)
____________________
1- الشرح : قال أصحابنا رحمهم الله : يشترط لجواز التنفل راكبا وماشيا دوام السفر والسير ، فلو بلغ المنزل في خلال صلاته اشترط إتمامها إلى القبلة متمكنا وينزل وإن كان راكبا ، ويتم الأركان ، ولو دخل وطنه ومحل إقامته أو دخل البلد الذي يقصده في خلالها اشترط النزول ، وإتمام الصلاة بأركانها مستقبلا بأول دخوله البنيان إلا إذا جوزنا للمقيم التنفل على الراحلة . ولو نوى الإقامة بقرية في أثناء طريقه صارته كمقصده ووطنه ولو مر بقرية مجتازا فله إتمام الصلاة راكبا أو ماشيا حيث توجه في مقصده فإن كان له بها أهل وليست وطنه فهل يصير مقيما بدخولها فيه قولان يجريان في التنفل والقصر والفطر وسائر الرخص ، أصحهما : لا يصير ، فيكون كما لو لم يكن له بها أهل ، والثاني : يصير فيشترط النزول وإتمامها مستقبلا ، وحيث أمرناه بالنزول فذلك عند تعذر الدابة على البناء مستقبلا فلو أمكن الاستقبال وإتمام الأركان عليه وهي واقفة جاز ، وإذا نزل وبنى ثم أراد الركوب والسفر فليتمها ويسلم منها ، ثم يركب فإذا ركب في أثنائها بطلت صلاته ، قال القاضي أبو الطيب : وعند المزني لا تبطل كما لا تبطل بالنزول ، قال : وهذا خطأ . قال صاحب الحاوي : المصلي سائرا إلى غير القبلة يلزمه العدول إلى القبلة في أربعة مواضع : أحدها : إذا دخل بلدته أو مقصده فيلزمه استقبال فيما بقي من صلاته فإن لم يفعل بطلت . والثاني : إذا نوى الإقامة فيلزمه الاستقبال فيما بقي فإن لم يفعله بطلت . الثالث : أن يصل المنزل لأنه وإن كان باقيا على حكم السفر فقد انقطع سيره فيلزمه الاستقبال فإن تركه بطلت صلاته . الرابع : أن يقف عن السير بغير نزول لاستراحة أو انتظار رفيق ونحو ذلك فيلزمه الاستقبال فيما بقي ، فإن تركه بطلت صلاته ، فإن سار بعد أن توجه إلى القبلة وقبل إتمام صلاته فإن كان ذلك لسير القافلة جاز أن يتمها إلى جهة سيره ، لأن عليه ضررا في تأخره عن القافلة ، وإن كان هو المريد لإحداث السير اشترط أن يتمها قبل ركوبه لأنه بالوقوف لزمه التوجه في هذه الصلاة ، فلم يجز تركه كالنازل إذا ابتدأ الصلاة إلى القبلة ثم ركب سائرا لم يجز أن يتم هذه الصلاة إلى غي
(3/211)
القبلة ، واتفق الأصحاب على أنه إذا ابتدأ النافلة على الأرض لم يجز أن يتمها على الدابة لغير القبلة ونقله الشيخ أبو حامد وغيره عن نص الشافعي رحمه الله . فرع : لو دخل بلدا في أثناء طريقه ، ولم ينو الإقامة لكن وقف على راحلته لانتظار شغل ونحوه وهو في النافلة فله إتمامها بالإيماء ، ولكن يشترط استقبال القبلة في جميعها ما دام واقفا ، صرح به الصيدلاني و إمام الحرمين والغزالي وآخرون .
قال المصنف رحمه الله تعالى : و ( أما ) إذا كانت النافلة في الحضر لم يجز أن يصليها إلى غير القبلة ، وقال أبو سعيد الاصطخري : يجوز لأنه إنما رخص في السفر حتى لا ينقطع عن التطوع وهذا موجود في الحضر ، والمذهب الأول ، لأن الغالب من حال الحضر اللبث والمقام فلا مشقة عليه ( في استقبال القبلة ) . (1)
____________________
1- الشرح : في تنفل الحاضر أربعة أوجه الصحيح : المنصوص الذي قاله جمهور أصحابنا المتقدمين : لا يجوز للماشي ولا للراكب ، بل لنافلته حكم الفريضة في كل شيء غير القيام ، فإنه يجوز التنفل قاعدا والثاني : قاله أبو سعيد الاصطخري : يجوز لهما ، قال القاضي حسين وغيره : وكان أبو سعيد الاصطخري محتسب بغداد ويطوف في السكك وهو يصلي على دابته والثالث : يجوز للراكب دون الماشي حكاه القاضي حسين ، لأن الماشي يمكنه أن يدخل مسجدا بخلاف الراكب والرابع : يجوز بشرط استقبال القبلة في كل الصلاة ، قال الرافعي : هذا اختيار القفال . فرع : في مسائل تتعلق بالباب . أحداها : شرط جواز التنفل في السفر ماشيا وراكبا أن لا يكون سفر معصية ، وكذا جميع رخص السفر شرطها أن لا يكون سفر معصية ، وقد سبق بيانه في باب مسح الخف وسنبسطه إن شاء الله تعالى في باب صلاة المسافر . الثانية : يشترط أن يكون ما يلاقي بدن المصلي على الراحلة وثيابه من السرج والمتاع واللجام وغيرها طاهرا ، ولو بالت الدابة أو وطئت نجاسة أو كان على السرج نجاسة فسترها وصلى عليه لم يضر ، ولو أوطأها الراكب نجاسة لم يضر أيضا على الصحيح من الوجهين ، لأنه لم يباشر النجاسة ولا حمل ما يلاقيها ، وبهذا الوجه قطع إمام الحرمين والغزالي و المتولي وآخرون . قال القاضي حسين والمتولي : ولو دمي فم الدابة وفي يده لجامها فهو كما لو صلى وفي يده حبل طاهر طرفه على نجاسة ، وقد سبق بيانه ، ولو وطىء المتنفل ماشيا على نجاسة عمدا بطلت صلاته . قال إمام الحرمين والغزالي وغيرهما : ولا يكلف أن يتحفظ ويتصون ويحتاط في المشي لأن الطريق يغلب فيها النجاسة ، والتصون منها عسر فمراعاته تقطع المسافر ع
(3/212)
أغراضه ، وقال إمام الحرمين : ولو انتهى إلى نجاسة يابسة لا يجد عنها معدلا فهذا فيه احتمال ، قال : ولا شك لو كانت رطبة فمشى عليها بطلت صلاته ، وإن لم يتعمد لأنه يصير حامل نجاسة . الثالثة : يشترط ترك الأفعال التي لا يحتاج إليها فإن ركض الدابة للحاجة فلا بأس ، وكذا لو ضربها أو حرك رجله لتسير فلا بأس إن كان لحاجة ، قال المتولي : فإن فعله لغير حاجة لم تبطل صلاته إن كان قليلا ، فإن كثر بطلت ، ولو أجراها لغير عذر أو كان ماشيا فعدا بلا عذر ، قال البغوي : بطلت صلاته على أصح الوجهين . الرابعة : إذا كان المسافر راكب تعاسيف وهو الهائم الذي يستقبل تارة ويستدبر تارة ، وليس له مقصد معلوم فليس له التنفل على الراحلة ولا ماشيا كما ليس له القصر ولا الترخص بشيء من رخص السفر ، فلو كان له مقصد معلوم لكن لم يسر إليه في طريق معين فهل له التنفل مستقبلا جهة مقصده فيه قولان حكاهما إمام الحرمين والغزالي وآخرون أصحهما : جوازه لأن له طريقا معلوما والثاني : لا ، لأنه لم يسلك طريقا مضبوطا فقد لا يؤدي سيره إلى مقصده . الخامسة : قال صاحب التتمة : إذا كان متوجها إلى مقصد معلوم فتغيرت نيته وهو في الصلاة فنوى السفر إلى غيره أو الرجوع إلى وطنه فليصرف وجه دابته إلى تلك الجهة في الحال ، ويستمر على صلاته وتصير الجهة الثانية قبلته بمجرد النية . السادسة : لو كان ظهره في طريق مقصده إلى القبلة فركب الدابة مقلوبا وجعل وجهه إلى القبلة فوجهان حكاهما صاحب التتمة أحدهما : لا تصح لأن قبلته طريقه وأصحهما : تصح لأنها إذا صحت لغير القبلة فلها أولى . السابعة : حيث جازت النافلة على الراحلة وماشيا فجميع النوافل سواء في الجواز ، وحكى الخراسانيون وجها أنه لا يجوز العيد والكسوف والاستسقاء لشبهها بالفرائض في الجماعة ، وبهذا الوجه قطع الدارمي ، والصحيح الأول وهو المنصوص وبه قطع الأكثرون ، ولو سجد لشكر أو تلاوة خارج الصلاة بالإيماء على الراحلة ففي صحته الخلاف في صلاة الكسوف لأنه نادر ، والصحيح الجواز فأما ركعتا الطواف فإن قلنا : هما سنة جازت على الراحلة ، وإن قلنا : واجبة فلا ، ولا تصح المنذورة ولا الجنازة ماشيا ولا على الراحلة على المذهب فيهما . وفيهما خلاف سبق في باب التيمم . الثامنة : شرط الفريضة المكتوبة أن يكون مصليا مستقبل القبلة مستقرا في جميعها فلا تصح إلى غير القبلة في غير شدة الخوف ولا تصح من الماشي المستقبل ولا من الراكب المخل بقيام أو استقبال بلا خلاف ، فلو استقبل القبلة وأتم الأركان في هودج أو سرير أو نحوهما على ظهر دابة واقفة ففي صحة فريضته وجهان أصحهما : تصح ، وبه قطع الأكثرون منهم القاضي أبو الطيب والشيخ أبو حامد وأصحاب التتمة والتهذيب والمعتمد والبحر وآخرون ، ونقله القاضي عن الأصحاب لأنه كالسفينة
____________________
(3/213)
والثاني : لا يصح وبه قطع البندنيجي وإمام الحرمين والغزالي ، فإن كانت الدابة سائرة والصورة كما ذكرنا فوجهان ، حكاهما القاضي حسين والبغوي والشيخ إبراهيم المروزي وغيرهم الصحيح : المنصوص : لا تصح لأنها لا تعد قرارا والثاني : تصح كالسفينة ، وتصح الفريضة في السفينة الوافقة والجارية والزورق المشدود بطرف الساحل بلا خلاف إذا استقبل القبلة وأتم الأركان ، فإن صلى كذلك في سرير يحمله رجال أو أرجوحة مشدودة بالجبال أو الزورق الجاري في حق المقيم ببغداد ونحوه ففي صحة فريضته وجهان ، الأصح : الصحة كالسفينة ، وبه قطع القاضي أبو الطيب فقال في باب موقف الإمام والمأموم ، قال أصحابنا : لو كان يصلي على سرير فحمله رجال وساروا به صحت صلاته . فرع : قال أصحابنا : إذا صلى الفريضة في السفينة لم يجز له ترك القيام مع القدرة ، كما لو كان في البر ، وبه قالمالك وأحمد ، وقال أبو حنيفة : يجوز إذا كانت سائرة ، قال أصحابنا : فإن كان له عذر من دوران الرأس ونحوه جازت الفريضة قاعدا لأنه عاجز ، فإن هبت الريح وحولت السفينة فتحول وجهه عن القبلة وجب رده إلى القبلة ، ويبني على صلاته بخلاف ما لو كان في البر ، وحول إنسان وجهه عن القبلة قهرا فإنه تبطل صلاته كما سبق بيانه قريبا ، قال القاضي حسين : والفرق أن هذا في البر نادر ، وفي البحر غالب وربما تحولت في ساعة واحدة مرارا . فرع : قال أصحابنا : ولو حضرت الصلاة المكتوبة وهم سائرون ، وخاف لو نزل ليصليها على الأرض إلى القبلة انقطاعا عن رفقته أو خاف على نفسه أو ماله لم يجز ترك الصلاة وإخراجها عن وقتها ، بل يصليها على الدابة لحرمة الوقت ، وتجب الإعادة لأنه عذر نادر ، هكذا ذكر المسألة جماعة منهم صاحب التهذيب والرافعي ، وقال القاضي حسين : يصلي على الدابة كما ذكرنا قال ووجوب الإعادة يحتمل وجهين . أحدهما : لا تجب كشدة الخوف . والثاني : تجب لأن هذا نادر ومما يستدل للمسألة حديث يعلى بن مرة ( رض ) الذي ذكرناه في باب الأذان في مسألة القيام في الأذان . فرع : المريض الذي يعجز عن استقبال القبلة ولا يجد من يحوله إلى القبلة لا متبرعا ولا بأجرة مثله وهو واجدها يجب عليه أن يصلي على حسب حاله وتجب الإعادة لأنه عذر نادر والمربوط على خشبة والغريق ونحوهما تلزمهما الصلاة بالإيماء حيث أمكنهم ، وتجب الإعادة لندوره ، وفيهم خلاف سبق في باب التيمم والصحيح وجوب الإعادة . التاسعة : إذا تيقن الخطأ في القبلة لزمه الإعادة في أصح القولين كما سبق واختار المزني أن لا إعادة ، وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد وداود ، واحتجوا بأشياء كثيرة منها : أن أهل قباء صلوا ركعة إلى
____________________
(3/214)
بيت المقدس بعد نسخه ووجوب استقبال الكعبة ، ثم علموا في أثناء الصلاة النسخ فاستداروا في صلاتهم ، وأتموا إلى الكعبة ، وكانت الركعة الأولى إلى غير الكعبة بعد وجوب استقبال الكعبة ولم يؤمروا بالإعادة . قال الشيخ أبو حامد في جوابه : اختلف أصحابنا في النسخ إذا ورد إلى النبي صلى الله عليه وسلم هل يثبت في حق الأمة قبل بلوغه إليهم أم لا يكون نسخا في حقهم حتى يبلغهم وفيه وجهان ، فإن قلنا : لا يثبت في حقهم حتى يبلغهم فأهل قباء لم تصر الكعبة قبلتهم إلا حين بلغتهم فلا إعادة على أهل قباء قولا واحدا ، وإن كان في المخطىء قولان ، قال : والفرق أن أهل قباء استقبلوا بيت المقدس بالنص ، فلا يجوز لهم الاجتهاد في خلافه ، فلا ينسبون إلى تفريط ، بخلاف المجتهد الذي أخطأ . واحتجوا أيضا بحديث عامر بن ربيعة قال : ( كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر في ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة فصلى كل رجل منا حياله ، فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزل : فأينما تولوا فثم وجه الله ) وبحديث جابر قال : كنا في مسير فأصابنا غيم فتحيرنا في القبلة فصلى كل رجل على حدة وجعل أحدنا يخط بين يديه فلما أصبحنا إذا نحن قد صلينا لغير القبلة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : قد أجيزت صلاتكم والجواب أن الحديثين ضعيفان ، ضعف الأول الترمذي والبيهقي وآخرون ، وضعف الثاني الدارقطني والبيهقي وآخرون . قال البيهقي : لا نعلم له إسنادا صحيحا ولو صحا لأمكن حملهما على صلاة النفل والله أعلم . العاشرة : قال الشافعي في الأم : لو اجتهد فدخل في الصلاة فعمي فيها أتمها ولا إعادة ، لأن اجتهاده الأول أولى من اجتهاد غيره قال : فإن دار عن تلك الجهة أو أداره غيره خرج من الصلاة واستأنفها باجتهاد غيره .
Sumber:
المجموع شرح المهذب
الإمام النووي
الناشر دار الفكر
سنة النشر 1997م
مكان النشر بيروت
Langganan:
Posting Komentar (Atom)
Tidak ada komentar:
Posting Komentar